يعتبر مرض الربو، أو حساسية الصدر، من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم. وتقدرنسبة المصابين به بنحو عشرة في المئة من سكان العالم، وترتفع في بعض البلدان الىأكثر من 15 في المئة.
والربو، كما هو معروف، مرض مزمن سببه التهاب (تحسسي في الغالب) يصيبالمجاري التنفسية، ويسبب زيادة في الافرازات، مع تقلص في العضلات وتضيق فيالقصبات الهوائية، مسبباً ضيقاً في التنفس مع صفير وسعال في شكل متكرر.
وأثبتت الدراسات أن الجزء الأكبر من التحكم بالربو يعود الى المريض نفسه، حيثوجدت أن المرضى الأكثر تحكماً بالمرض تابعوا بانتظام عيادة طبيب متخصص فيعلاج الربو، وداوموا على متابعة علاجهم بانتظام.
وهناك أربعة عناصر اقترحها الأطباء، للتوصل الى تحكم مثالي بالمرض:
قياس وظائف الرئة بانتظام للحصول على تقييم موضوعي لحدة المرض، كقياستدفق الهواء عند زيارة الطبيب الاختصاصي.
بناء شراكة فعلية بين المريض والطبيب يكون من السهل فيها التواصل معالطبيب واستشارته، وفي الوقت نفسه يقوم الطبيب بتوعية المريض بمرضه والمهاراتالمطلوبة للتحكم به.
تناول الأدوية الصحيحة والمناسبة، بحسب شدة المرض، بانتظام، وخصوصاً بخاخاتمشتقات الكورتيزون وموسعات الشعب الهوائية.
التحكم بالبيئة المحيطة بالمريض، وما تحتويه من مهيجات ومسببات للربو فيالمنزل وفي مكان العمل، على حد سواء.
وما يجعل الربو مشكلة طبية كبيرة، هو انه مرض يصيب الانسان مهما كان عمره،وخصوصاً الأطفال. كما أنه من اكثر الأمراض، التي تستدعي اللجوء الى استخدامالرعاية الصحية الطارئة. اضافة الى انه مرض يمكن علاجه والسيطرة عليه والتعايشمعه.
أسباب المرض
وأسباب المرض، أو العوامل المساعدة على الاصابة بالربو، كما حددتها د. رندارناؤوط، وهي استشارية أطفال ومناعة، هي:
اولاً: الاستعداد الوراثي: ويقصد به التاريخ العائلي لأمراض الحساسية المختلفة، وتاريخالاصابة بحساسية الربيع، أو الأكزيما (حساسية الجلد).
ثانياً: امراض مصاحبة مثل، التهاب الجيوب الأنفية وارتجاع الحامض المعوي.
ثالثاً: مثيرات بيئية مثل لقاح النباتات والاعشاب والفطريات والعفن وروث الحيواناتوغبار المنازل.
رابعاً: محفزات الربو، مثل التدخين والروائح القوية.
مهيجات الربو:
ويقصد بها المواد التي تثير اعراض ونوبات الربو، وهي تشمل مسببات الحساسيةومحفزات توجد في البيئة. ومن مسببات الحساسية، كما أوردها د. سيد محمد حسنين،رئيس وحدة أمراض الحساسية والجيوهوائية، في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركزالأبحاث في جدة:
غبار الطلع، الأشجار، الحشائش ومختلف النباتات الأخرى.
الورود والزهور بمختلف أنواعها وتشمل الورود المجففة.
الطيور بأنواعها المختلفة.
الصراصير والفئران.
الحيوانات المنزلية، وخصوصاً القطط. وتحدث الحساسية نتيجة التعرض لإخراجاتهذه الحيوانات وبخاصة اللعاب، والبول أو القشور المتساقطة من فرائها.
المخدات المحشوة بريش الطيور.
التعرض للفطريات، وهي عادة ما تعيش في الأماكن ذات الرطوبة العاليةكالمكيفات المائية، مرشحات المكيفات (فيلتر)، الثلاجات، الحمامات، المطابخ، سلات الزبالةالمتروكة مفتوحة داخل المنزل او الكتب القديمة.
عثة غبار المنزل، وهي عبارة عن حشرات صغيرة لا ترى بالعين المجردة،وتعيش في المواد القطنية والصوفية كأغطية الأسرة، الموكيت، الأصواف، المفارش أولعب الأطفال ذات الفراء (الشعر). وتتكاثر هذه الحشرات حينما يكون جو البيت رطباً.وعادة ما تسبب الحساسية اخراجات هذه الحشرات التي تتطاير في الهواء عند تنظيف(نفض أو كنس) هذه الأدوات.
محفزات الربو:
التعرض للدخان، سواء دخان البخور أو الفحم أو الحطب أو غيره.
التعرض لدخان السجائر بشكل مباشر، كالمدخن، أو غير مباشر بتواجد المريضفي أماكن التدخين.
التعرض للروائح القوية، كالعطور، المبيدات الحشرية، الدهانات، الأدوات المنظفة أوغيرها من الروائح.
الإصابة بالفيروسات (نزلات البرد) أو بالتهاب الجيوب الأنفية أو التهاب الشعبالهوائية.
حساسية الانف.
التعرض للتغير المفاجئ في الجو (من بارد إلى حار أو بالعكس).
الانفعالات النفسية.
التعرض لمجهود عضلي، كالرياضة بأنواعها.
الأدوية كالأسبرين، أدوية تخفيف الآلام (ماعدا التينلول أو البندول) أو بعض أدويةالضغط أو القلب.
بعض الأغذية، الصبغات أو المواد الحافظة المضافة للأغذية.
زيادة حموضة المعدة أو الاسترجاع (أي استرجاع مكونات المعدة أو الجوف إلىالفم أو المريء).
زيادة المخاط خلف التجويف الفمي والأنف.
مسببات الحساسية والربو داخل المساكن وتشمل عثة الغبار.
مسببات الحساسية والربو خارج المساكن وتشمل حبوب اللقاح لبعض انواع الزهوروالنباتات والأعشاب والحشائش.
تشخيص المرض
ويتم تشخيص المرض، وفق د. أرناؤوط، كما يلي:
اولاً: التاريخ الطبي وتشمل الاعراض، شدة الأعراض، المثيرات اليومية، مرحلة المرض،نوع الأزمات، العلاج المستخدم والتجاوب معه، اضافة الى الأوضاع البيئية والمعاشية.
ثانيا: التاريخ العائلي: اصابة المريض وافراد العائلة سابقاً بأحد أمراض الحساسية.
ثالثاً: الفحص الطبي ويشمل: الممرات التنفسية العلوية والحنجرة والرئة والجلد.
رابعاً: الفحوص المخبرية، منها: مقياس جودة التنفس (اختبار قبل وبعد موسعات الشعب)،أشعة الصدر احياناً، تحليل كامل للدم واجراء فحوصات الحساسية (في حال وجود تاريخعائلي)، اجراء مسحة للبلغم وللأنف لفحص الخلايا المناعية في حال الشك بوجودحساسية.
أدوية الربو
يقصد بعلاج الربو التخلص من أعراض المرض المزعجة، خلال النهار وفي أثناء الليل،والحد من النوبات التي يتعرض لها المريض، وتقليل استخدام الأدوية، وتحسين جودةالحياة، وممارسة الأنشطة اليومية في صورة طبيعية، وتقليل شدة النوبة، والتعرف علىالعلامات التي تسبق حصول النوبة، والتصرف السريع عند حدوثها، ومعرفة متى يمكنالاتصال لطلب المساعدة.
ومن الأدوية التي تساعد في العلاج، حسب الصيدلانية اميرة الزعفراني، نذكر الآتي:
المجموعة الأولى: أدوية مشتقات الكورتيزون المستنشقة: وتستخدم لعلاج التهاب القصباتالهوائية والمحافظة على سلامتها، فتحول دون حدوث ضيق في التنفس وصفير الصدر،وتمنع انقباض وتورم الشعب الهوائية وامتلائها بالافرازات المخاطية، وعليه:
يجب استخدام هذا النوع لفترات طويلة وبانتظام حسب ارشادات الطبيب المختص.
لكن الاستخدام المتكرر للبخاخ المحتوي على هذه الأدوية قد يسبب تقرحات فيالفم أو الفطريات البيضاء، ويمكن تجنب حدوث ذلك بغسل الفم جيدا بالماء، أو بالفرشاةوالمعجون بعد كل استخدام.
وامثلة هذه المجموعة هي: بخاخ بلميكورت، بيكوتايد، فليكسوتايد، بيكلوفورت، والاقراصأو الشراب مثل هيدروكورتيزون أو بريدنيزون. ويلجأ الطبيب إلى وصف الدواء عنطريق الفم، عندما تسوء حالة المريض، أو لم يعد التحكم في حالة الربو ممكنا، رغماستخدام عدة انواع من البخاخات.
المجموعة الثانية: موسعات القصبات: تعمل هذه المجموعة في حالة ازمة الربو الحادةعلى ارخاء العضلات المنقبضة حول الشعب الهوائية، وتؤدي بالتالي إلى توسعها، ممايسهل دخول الهواء إلى الرئتين. وغالبا ما يشعر المريض بتحسن خلال دقائق، ويستمرلمدة 4 - 6 ساعات مثل دواء الفنتولين.
وينصح باستخدام هذا النوع قبل القيام بأي مجهود عضلي زائد أو رياضة تزيد على15 دقيقة.ويوجد منها موسعات طويلة الامد، يستمر عملها نحو 12 ساعة، مثل بخاخسيرفينت أو بخاخ اوكسيس وتستخدم مرتين يوميا. وهذه ميزة مفيدة بوجه خاصللمرضى الذين تشتد لديهم الاعراض ليلا.
كيف يمكن السيطرة على المرض؟
يكون ذلك بالعناية الصحية السليمة. وتعني التشخيص الصحيح، والتعرف على العواملالمساعدة على الاصابة، ومعرفة العوامل المثيرة من البيئة الداخلية والخارجية، ومعرفةالخطة العلاجية المناسبة، والتثقيف الصحي للمريض وعائلته، ما يجعل المريض قادراًعلى العناية بنفسه الى حد معين، ليستطيع التصرف عند حدوث النوبة، وهو ما يسمىبالعناية الذاتية. كما يجب قياس مدى الاستجابة للعلاج دورياً والمراجعة الدورية للطبيب.
بقلم فادي عليان